Dina Dody عضو جديد
عدد المساهمات : 41 العمر : 32 SMS : لااله الا الله
سيدنا محمد رسول الله تاريخ التسجيل : 22/10/2010
| موضوع: لماذا تبتسم يا صديقى؟ 12.04.11 20:17 | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]لماذا تبتسم يا صديقى؟
هل تبتسم لأنك رأيت الجنة؟ هل تبتسم لأن الملائكة قالت لك البشارة قبل أن تصعد روحك إلى جوار عرش الرحمن؟ هل تبتسم لأنك قبل أن تموت رأيت مصر وهى تُبعَث من جديد؟
لماذا تبتسم يا صديقى؟ لعلك قبل أن يخترق الرصاص جسدك تذكرت نكتة قالها لك الحلاق الذى صنع لك هذه السكسوكة اللطيفة عندما ذهبت إليه ربما يوم الأربعاء ٢٦ يناير، لماذا ذهبت إليه أصلا، هل كان هناك مشروع خطوبة أو مشروع خروجة؟ ما الذى جعلك تبتسم؟
هل كنت تهتف «تغيير.. حرية.. عدالة اجتماعية» وعندها تذكرت مفردات مرتبك الذى يفترض أن تعيش به عيشة آدمية كريمة؟
أم لعلك عندما استقرت بداخلك الرصاصة عرفت أنهم سينشرون صورتك فى الصحف لكى يتعرف أهلك عليك دون أن يدركوا أن أهلك لا يمكن أن يشتروا صحفا لا تخصهم ولا تتحدث عنهم ولا تعنيهم فى شىء، أم أنك تذكرت خطبة لمبارك وهو يقول إن محدودى الدخل فى قلبه وعقله، هل تذكرت أحلامك التى كانت تثير سخرية أصدقائك على القهوة، أم لعلك تذكرت وجه حبيبتك التى حال بينك وبينها الفقر، تسألنى: كيف عرفت أنك فقير؟
لو لم تكن فقيرا لما دفنوك غريبا وحيدا يا صديقى، لو لم تكن فقيرا لما ابتسمت وأنت ترى الرصاصة قادمة نحوك.
لماذا خرجت إلى الشارع يومها يا صديقى؟ مم كنت تشكو؟ لو كان نزولك إلى الشارع صدفة فلماذا لم تبتعد عن المظاهرة إيثارا للسلامة؟ لو كنت غير معنى بكل ما حدث فلماذا لم تختبئ طلبا للأمان؟ لماذا لم تقل لنفسك «وأنا مالى.. إياكش تولع.. ربنا يولى من يصلح.. مش هنلاقى أحسن منه.. ده ريسنا وأبونا وراجل كبير»؟
لماذا لم تخف على نفسك يا صديقى؟ وهل وجدت فرصة لكى تنطق بالشهادتين، أم أن آخر كلمة خرجت من فمك كانت «سلمية.. سلمية»؟ أى الهتافات كان أحب إليك، أيها كان معبرا عنك أكثر؟ وهل كانت تلك مظاهرتك الأولى والأخيرة؟.
لماذا أنت صامت يا صديقى؟ أجبنى، لماذا قتلوك؟ وأين قتلوك؟ ومن الذى قتلك؟ هل قتلك الذى أطلق الرصاص عليك، أم الذى أمره بإطلاق الرصاص عليك؟. هل تبتسم تلك الابتسامة الساخرة لأنك تصورت أن كل هذه الأسئلة لن يسألها أحد فى وطن يُنسى فيه كل شىء بعد حين؟
هل تبتسم ساخرا لأنك تدرك أننا قد ننساك مثلما نسينا شهداء ستة وخمسين وسبعة وستين وبحر البقر ومصنع أبوزعبل وتلاتة وسبعين؟
هل تبتسم لأنك رأيت وجوه الجنود المجهولين وهى تلوح لك وتقول لك تعال إلى حيث النسيان، تعال إلى حيث النكران، تعال إلى حيث مرارة الحياة التى تجعل الشهيد يضحى بدمه لكى يأخذ الأحياء إجازة فى ذكرى رحيله، تعال إلى حيث تُسدل ستائر النسيان على أبشع الجرائم باسم المصالحة والاستقرار والمصلحة العليا، تعال إلى حيث ينسى الصامتون والمتواطئون تلك المقولة الخالدة «افعل ماشئت كما تدين تُدان».
لا يا صديقى، اطمئن، أنا لن أنساك يا صديقى، أنا وكل الذين خرجوا إلى الشوارع من أجل حريتهم وكرامتهم ومستقبل بلادهم، لن ننساك لأننا سنرى فى وجهك المشرق مصيرا كان ينتظرنا ومستقبلا صنعته لأبنائنا، سنقاوم كل محاولة لمحو ابتسامتك الجميلة من ذاكرة الأجيال القادمة، لن نسمح بأن تذهب تضحياتكم هدرا ولن نترك قاتليك يفلتون من العقاب، ولن نسمح بأن تعود مصر عزبة لأحد أيا كان، لن نسكت على الجهل والنفاق ومسخ الذاكرة وإلباس الحق بالباطل، سنحارب من أجل أن تكون مصر بلدا لكل المصريين لا يفرق بينهم دين ولا مال ولا نسب ولا حسب ولا طائفة، سنعيد إليها مجدها الذى تستحقه، سنبنيها من جديد ولكن على نضافة.
وحتى يتحقق كل ذلك يا صديقى، ومهما رأيت من أحوالنا فى القريب العاجل أو البعيد الآجل، أرجوك لا تجعل تلك الابتسامة تغادر وجهك أبدا، ففى إشراقها وحده سنجد الخلاص، وبفضل سخريتها سنتذكر أن الثائر الحق لا يهدأ أبدا حتى وهو يبنى الأمجاد.
| |
|